الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.فَصْلٌ: الْقِسْمُ السَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ: (خِيَار يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) فِي الثَّمَنِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُؤْجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الْأُجْرَةِ (فَمَتَى اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (فِي قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ) فِي قَدْرِ (أُجْرَةٍ) بِأَنْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِثَمَانِينَ وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا، تَحَالَفَا (أَوْ لَهُمَا) بَيِّنَةٌ (تَحَالَفَا) وَسَقَطَتْ بَيِّنَتَاهُمَا لِتَعَارُضِهِمَا.(وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ) الْمَبِيعَةُ (تَالِفَةً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيْهِ صُورَةً، وَكَذَا حُكْمًا لِسَمَاعِ بَيِّنَتَيْهِمَا) قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ (وَلَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، بِاتِّفَاقِنَا) وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا، تَحَالَفَا».وَإِنَّمَا قُلْنَا: يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ تَالِفَةً لِقَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ إلَّا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَقَدْ أَخْطَأَ رَوَاهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ وَلَمْ يَقُولُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَلَكِنَّهَا فِي حَدِيثِ مَعْنٍ (إلَّا إذَا كَانَ) الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنٍ وَفَسْخِ عَقْدٍ بِإِقَالَةٍ، أَوْ) بَعْدَ (رَدِّ مَعِيبٍ) أَوْ نَحْوِهِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ بَائِعٍ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ.(وَ) إلَّا (فِي كِتَابَةٍ) إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا كَاتَبَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ عَبْدَهُ فَيُؤْخَذُ (بِقَوْلِ سَيِّدٍ وَيَأْتِي) ذَلِكَ مُوَضَّحًا فِي بَابِ الْكِتَابَةِ.إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ (فَ) صِفَةُ التَّحَالُفِ: أَنْ (يَبْدَأَ بِيَمِينِ بَائِعٍ) لِأَنَّهُ أَقْوَى جَنْبَةً مِنْ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِ الْمَبِيعِ يُرَدُّ إلَيْهِ (ثُمَّ) يَمِينُ (مُشْتَرٍ) بَعْدَهُ (يُجْمَعَانِ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُؤْجِرُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي يَمِينِهِمَا (نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) الْإِثْبَاتُ لِدَعْوَاهُ، وَالنَّفْيُ لِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ.(وَيُقَدِّمَانِ النَّفْيَ) عَلَى الْإِثْبَاتِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْيَمِينِ أَنَّهَا لِلنَّفْيِ (فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا بِكَذَا) وَالْمُؤْجِرُ: مَا أَجَرْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا أَجَرْتُهُ بِكَذَا (ثُمَّ) يَحْلِفُ (الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا) وَالْمُسْتَأْجِرُ مَا اسْتَأْجَرْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرْتُهُ بِكَذَا (وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (لَزِمَهُ مَا قَالَهُ صَاحِبُهُ بِيَمِينِهِ) أَيْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ لِقَضَاءِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ لِأَنَّ النُّكُولَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ.قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَنَّهُ بَدَّلَ أَحَدَ شِقَّيْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ نَاكِلًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا بِالْمَجْمُوعِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ.(وَكَذَا لَوْ نَكَلَ مُشْتَرٍ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَقَطْ بَعْدَ حَلِفِ بَائِعٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ لَوْ نَكَلَ عَنْ النَّفْيِ فَقَطْ أَوْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ أَحَدِهِمَا (فَإِنْ نَكَلَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَوْ الْمُؤْجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ (صَرَفَهُمَا الْحَاكِمُ) كَمَا لَوْ نَكَلَ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى الْقَوْلِ بِرَدِّهَا قَالَهُ الْمُنَقِّحُ.(وَإِذَا تَحَالَفَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَوْ الْمُؤْجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ (فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِ أَقَرَّ الْعَقْدَ) لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِقَوْلِ صَاحِبِهِ قَدْ حَصَلَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ فَلَمْ يَمْلِكْ خِيَارًا.(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِلَا حَاكِمٍ) أَيْ لَا يَفْتَقِرُ الْفَسْخُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ أَشْبَهَ رَدَّ الْمَعِيبِ (وَلَا يَنْفَسِخُ) الْعَقْدُ (بِنَفْسِ التَّحَالُفِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِاخْتِلَافِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا فِي الْحُجَّةِ كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً (وَلَا) يَنْفَسِخُ أَيْضًا (بِإِبَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْأَخْذَ بِمَا قَالَ صَاحِبُهُ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ أَحَدِهِمَا بِالْفَسْخِ.(وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ تَالِفَةً وَتَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ (رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلِيَّةً (فَ) إلَى (قِيمَتِهَا) لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ (فَيَأْخُذُ مُشْتَرٍ) مِنْ بَائِعٍ (الثَّمَنَ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ إنْ لَمْ يَرْضَ بِقَوْلِ بَائِعٍ) وَفَسَخَ الْعَقْدَ.(وَ) يَأْخُذُ (بَائِعٌ) مِنْ مُشْتَرٍ (الْقِيمَةَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ (فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ الثَّمَنُ وَالْقِيمَةُ (وَكَانَا مِنْ جِنْسٍ) أَيْ نَقْدٍ وَاحِدٍ (تَقَاصَّا وَتَسَاقَطَا) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهِ ثُمَّ رَدِّهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقَلَّ، وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (سَقَطَ الْأَقَلُّ وَمِثْلُهُ مِنْ الْأَكْبَرِ) وَيَبْقَى الزَّائِدُ يُطَالِبُ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَلَا مُقَاصَّةَ وَيَأْتِي.(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (فِي الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ التَّالِفَةِ بَعْدَ التَّفَاسُخِ فَقَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ.(أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي صِفَةِ) السِّلْعَةِ التَّالِفَةِ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَانَ كَاتِبًا، فَقَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (قَدْرِ) السِّلْعَةِ التَّالِفَةِ، بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: كَانَ الْمَبِيعُ قَفِيزَيْنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ قَفِيزًا (فَقَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ (فَلَوْ وَصَفَهَا) مُشْتَرٍ (بِعَيْبٍ، كَبَرَصٍ وَخَرْقِ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِمَا) كَقَطْعِ أُصْبُعٍ (فَقَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ) وَهُوَ الْبَائِعُ (بِيَمِينِهِ) كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ السِّلْعَةَ كَانَتْ مَعِيبَةً، قُبِلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي تَقَدُّمِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ.وَإِنْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ عِنْدَ مُشْتَرٍ قَبْلَ تَلَفِهِ ضُمَّ أَرْشُهُ إلَى قِيمَتِهِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ حِينَ التَّعَيُّبِ قَالَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ صِفَتَهُ تُعْتَبَرُ حِينَ التَّلَفِ لَا حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَمِّ أَرْشِهِ إلَى قِيمَتِهِ لَكِنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى مَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَكُلُّ غَارِمٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ.(وَإِنْ مَاتَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا فَوَرَثَتُهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا)، وَوَرَثَةُ أَحَدِهِمَا إنْ مَاتَ وَحْدَهُ بِمَنْزِلَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ) فَإِنْ رَضِيَ وَرَثَةُ أَحَدِهِمَا بِمَا قَالَهُ وَرَثَةُ الْآخَرُ أُقِرَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ وَمَتَى رَضِيَ بَعْضُ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لِلْبَقِيَّةِ الْفَسْخُ، عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ.(وَإِنْ كَانَ) الْمَوْتُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّحَالُفِ (وَ) أَرَادَهُ الْوَرَثَةُ فَإِنْ (كَانَ الْوَارِثُ حَضَرَ الْعَقْدَ وَعَلِمَهُ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَيْمَانِ.(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْوَارِثُ قَدْرَ الثَّمَنِ حَضَرَ الْعَقْدَ أَوْ لَا (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِأَنَّهُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ (وَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي التَّحَالُفِ) لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ وَرَثَتِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَوَرَثَةِ الْآخَرِ (انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي حَقِّهِمَا وَلَوْ مَعَ ظُلْمِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ ظُلَامَةٍ أَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ.(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (فِي صِفَةِ ثَمَنٍ) اتَّفَقَا عَلَى تَسْمِيَتِهِ فِي الْعَقْدِ (أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا إلَّا نَقْدٌ وَاحِدٌ وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَيُقْضَى لَهُ بِهِ، عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (ثُمَّ) إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ نُقُودٌ وَاخْتَلَفَتْ رَوَاجًا أُخِذَ (غَالِبُهُ رَوَاجًا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِهِ لِغَلَبَتِهِ (فَإِذَا اسْتَوَتْ) النُّقُودُ رَوَاجًا (فَالْوَسَطُ) تَسْوِيَةً بَيْنَ حَقَّيْهِمَا لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ مَيْلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَلَى مُدَّعَى نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ غَالِبِهِ رَوَاجًا، أَوْ الْوَسَطُ: الْيَمِينُ،.وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَقْدٌ بِنَقْدٍ، وَالْآخَرَ بِعَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَقْدٌ بِذَهَبٍ وَالْأُخَرَ بِفِضَّةٍ، فَالظَّاهِرُ إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَرَجَّحُ قَوْلُ أَحَدِهِمَا فَوَجَبَ التَّحَالُفُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ.(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ) بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ بِدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ، فَقَوْلُهُ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (رَهْنٍ) بِأَنْ قَالَ بِعْتُهُ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي عَلَيْهِ كَذَا وَأَنْكَرَهُ مُشْتَرٍ فَقَوْلُهُ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (قَدْرِهِمَا) أَيْ قَدْرِ الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ فَقَوْلُ مُنْكِرِ الزَّائِدَ (سِوَى أَجَلٍ فِي سَلَمٍ) فَقَوْلُ مُسَلَّمٌ إلَيْهِ (كَمَا يَأْتِي) فِي بَابِ السَّلَمِ.(أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ يُبْطِلُ الْعَقْدَ أَوْ لَا) يُبْطِلُهُ، بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطَهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَقَوْلُ مُنْكِرِهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ (ضَمِينٍ) بِالثَّمَنِ أَوْ بِعُهْدَتِهِ أَوْ عُهْدَةِ الْمَبِيعِ (فَقَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (نَصَّ عَلَيْهِ) الْإِمَامُ (فِي دَعْوَى عَبْدٍ عَدَمَ الْإِذْنَ) مِنْ سَيِّدِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَعَ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي.(وَ) نَصَّ فِي (دَعْوَى الْبَائِعِ الصِّغَرَ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَالَ الْعَقْدِ كَانَ صَغِيرًا وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَا يَتَعَاطَى إلَّا عَقْدًا صَحِيحًا.(وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا ذَكَرَ مِنْ دَعْوَى عَدَمِ الْإِذْنِ وَالصِّغَرِ (دَعْوَى إكْرَاهٍ أَوْ جُنُونٍ) فَلَا تُقْبَلُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ (لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ الْعَقْدِ وَ) ادَّعَى (الْآخَرُ فَسَادَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ، لَكِنْ يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ: تُقْبَلُ دَعْوَى إكْرَاهٍ بِقَرِينَةٍ كَتَوَكُّلٍ بِهِ وَتَرْسِيمٍ عَلَيْهِ.(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَبِيعٍ فَقَالَ) الْمُشْتَرِي (بِعْتَنِي هَذَيْنِ) الْعَبْدَيْنِ مَثَلًا (بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَقَالَ) الْبَائِعُ (بَلْ) بِعْتُك (أَحَدَهُمَا) وَحْدَهُ صُدِّقَ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْبَيْعِ فِي الثَّانِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْبَيْعُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَبِيعِ فَالْمُدَّعِي شِرَاءَ عَيْنَيْنِ يَدَّعِي عَقْدَيْنِ أَنْكَرَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ.(أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (عَيْنِهِ) أَيْ عَيْنِ الْمَبِيعِ (فَقَالَ) الْمُشْتَرِي (بِعْتَنِي هَذَا) الْعَبْدَ (فَقَالَ) الْبَائِعُ (بَلْ) بِعْتُك (هَذَا) الْعَبْدَ (فَقَوْلُ بَائِعٍ) بِيَمِينِهِ، لِأَنَّهُ كَالْغَارِمِ وَوَرَثَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَتِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا حُكْمُ إجَارَةٍ) فِي سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِجُحُودِهِ) أَيْ جُحُودِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لَهُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ الْأَمَةَ بِكَذَا فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَطَأْهَا الْبَائِعُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَبْذُلْ لَهُ الثَّمَنَ فَيَتَوَجَّهُ لَهُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ أُعْسِرَ الْمُشْتَرِي.(وَلَوْ ادَّعَى) مَنْ بِيَدِهِ أَمَةٌ (بَيْعَ الْأَمَةِ وَدَفْعَ الثَّمَنِ فَقَالَ) مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (بَلْ زَوَّجْتُك) هَا (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى إبَاحَةِ الْفَرْجِ لَهُ) لِأَنَّهَا إمَّا مِلْكُ يَمِينٍ أَوْ زَوْجَةٌ (وَتُقْبَلُ دَعْوَى النِّكَاحِ) مِمَّنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ.(وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَ) الْحَالُ أَنَّ (الثَّمَنَ عَيْنٌ) أَيْ مُعَيَّنٌ (مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ جُعِلَ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ) يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ (يَقْبِضُ مِنْهُمَا ثُمَّ يُسَلِّمُ إلَيْهِمَا) قَطْعًا لِلنِّزَاعِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي تَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِعَيْنِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ (فَيُسَلِّمُ) الْعَدْلُ (الْمَبِيعَ أَوَّلًا ثُمَّ الثَّمَنَ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ.(وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (مِنْ تَسْلِيمِ مَا) عَقَدَا (عَلَيْهِ) مِنْ مَبِيعٍ أَوْ ثَمَنٍ (مَعَ إمْكَانِ) تَسْلِيمِهِ (حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَهُ كَغَاصِبٍ) لِتَعَدِّيهِ بِمَنْعِهِ وَأَيُّهُمَا بَدَأَ بِالتَّسْلِيمِ أُجْبِرَ الْآخَرُ.(وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (دَيْنًا حَالًّا فَنَصُّهُ: لَا يَحْبِسُ) الْبَائِعُ (الْمَبِيعَ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَحَقَّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ كَتَقْدِيمِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (فَيُجْبَرُ بَائِعٌ عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ ثُمَّ) يُجْبَرُ (مُشْتَرٍ عَلَى تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ الْحَالِّ إنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ) لِأَنَّهُ غَنِيٌّ، وَمَطْلُهُ ظُلْمٌ (وَيُجْبَرُ بَائِعٌ عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ فِي) مَا إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ (مُؤَجَّلٍ) وَلَا يَطْلُبُ بِالثَّمَنِ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ.(وَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ الْحَالُّ (غَائِبًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَجْلِسِ (فِي الْبَلَدِ حَجَرَ) الْحَاكِمُ (عَلَى مُشْتَرٍ فِي الْمَبِيعِ وَ) فِي (بَقِيَّةِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ) لِلْبَيْعِ (حَتَّى يُحْضِرَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ) كُلَّهُ يُسَلِّمَهُ لِلْبَائِعِ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ تَصَرُّفًا يَضُرُّ الْبَائِعَ (وَكَذَا إنْ كَانَ) مَالُهُ (خَارِجَهُ) أَيْ خَارِجَ الْبَلَدِ (دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ.(وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (أَوْ بَعْضُهُ مَسَافَتَهُ) أَيْ مَسَافَةَ قَصْرٍ (فَصَاعِدًا أَوْ) كَانَ (الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا وَلَوْ بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ ضَرَرًا عَلَيْهِ.(وَ) لَهُ (الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ) بَعْدَ الْفَسْخِ (كَمُفْلِسٍ) إذَا بَاعَهُ جَاهِلًا بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ لَهُ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ بِعَيْنِ مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَجْرِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَالِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْظِرَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَكُونُ فَوْرًا بَلْ هُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لِاسْتِدْرَاكِ ظُلَامَةٍ.(وَإِنْ كَانَ) الْمُشْتَرِي (مُوسِرًا مُمَاطِلًا) بِالثَّمَنِ (فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (الْفَسْخُ) لِأَنَّ ضَرَرَهُ يَزُولُ بِحَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ وَوَفَائِهِ مِنْ مَالِهِ.(وَقَالَ الشَّيْخُ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (الْفَسْخُ) إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُمَاطِلًا دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُخَاصَمَةِ.(قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ) قُلْتُ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا هَذَا (وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا لَهُ الْفَسْخُ) فِي الْبَيْعِ (فَإِنَّهُ يَفْسَخُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ) وَفِي النِّكَاحِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي بَيَانُهُ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ (وَكَذَا) حُكْمُ (مُؤَجَّرٍ بِنَقْدٍ حَالٍّ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.(وَإِنْ هَرَبَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ وَزْنِ الثَّمَنِ وَهُوَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (مُعْسِرٌ) بِالثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ فِي الْحَالِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَهْرُبْ.(وَإِنْ كَانَ) الْمُشْتَرِي (مُوسِرًا) وَهَرَبَ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ (قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إنْ وَجَدَ) لَهُ مَالًا.(وَإِلَّا بَاعَ الْمَبِيعَ وَقَضَى ثَمَنَهُ مِنْهُ) وَحَفِظَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةَ مَالِ الْغَائِبِ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ.(وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ) إذَا بَاعَ أَمَةً (الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الِاسْتِبْرَاءِ) لَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهِ وَانْتِقَالِ مِلْكِهِ إلَيْهِ.(وَلَوْ طَالَبَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِكَفِيلٍ لِئَلَّا تَظْهَرَ) الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ (حَامِلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (ذَلِكَ) إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لَهُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَإِنْ أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ مَا يُقَابِلُهُ إنْ نَقَصَ الْبَاقِي بِالتَّنْقِيصِ وَقُلْنَا لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ الْمَبِيعِ.(وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (بَيْعَ خِيَارٍ لَهُمَا أَوْ) خِيَارٍ (لِأَحَدِهِمَا) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (لَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ مُطَالَبَتَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِالنَّقْدِ) أَيْ بِالثَّمَنِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرْضًا إنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِلَّا قَبَضَهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ، لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَمْ تَنْقَطِعْ عُلَقُهُ عَنْ الْمَبِيعِ.(وَلَا) يَمْلِكُ (مُشْتَرٍ قَبْضَ مَبِيعٍ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ الْبَائِعِ) إنْ كَانَ لَهُ خِيَارٌ لِأَنَّ عُلَقَهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْ الْمَبِيعِ..فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ: (وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ مَلَكَهُ) بِالْعَقْدِ.(وَلَزِمَ) الْبَيْعُ (بِالْعَقْدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ كَبَاقِي الْمَبِيعَاتِ (وَلَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ أَوْ) كَانَ (رِطْلًا مِنْ زُبْرَةِ) حَدِيدٍ وَنَحْوَهُ (وَلَمْ يَصِحَّ) مِنْ الْمُشْتَرِي (تَصَرُّفُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ) تَصَرَّفَ فِيهِ مُشْتَرٍ (مِنْ بَائِعِهِ) لَهُ (بِبَيْعٍ) مُتَعَلِّقٍ بِتَصَرُّفِهِ أَيْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ الطَّعَامُ يَوْمئِذٍ مُسْتَعْمَلًا غَالِبًا فِيمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَقِيسَ عَلَيْهِمَا الْمَعْدُودُ وَالْمَذْرُوعُ لِاحْتِيَاجِهِمَا لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ.(وَلَا) يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَيْضًا بِ (إجَارَةٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ وَلَا رَهْنٍ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَلَا الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ وَلَا) الْحَوَالَةِ (بِهِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ التَّصَرُّفَاتِ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) الْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْمُرَادُ بِالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ أَوْ بِهِ صُورَةُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَشَرْطُ الْحَوَالَةِ كَمَا يَأْتِي أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي ذِمَّةٍ عَلَى مَا فِي ذِمَّةٍ.(وَيَصِحُّ عِتْقُهُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَشْرَةَ أَعْبُدٍ مَثَلًا فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا قَالَ فِي الْمُبْدِعِ قَوْلًا وَاحِدًا.(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا (جَعْلُهُ مَهْرًا وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَيْهِ) لِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ فِيهِمَا (وَ) تَصِحُّ (الْوَصِيَّةُ بِهِ) لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْإِرْثِ وَتَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَتَزْوِيجُهُ.فَلَوْ (قَبَضَهُ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (جِزَافًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ) مَوْزُونٌ وَمَعْدُودٌ وَمَذْرُوعٌ (لِعِلْمِهِمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَدْرَهُ بِأَنْ شَاهَدَا كَيْلَهُ وَنَحْوَهُ) مِنْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ ذَرْعِهِ (ثُمَّ بَاعَهُ) أَيْ مَا قَبَضَهُ جِزَافًا (بِهِ) أَيْ بِالْكَيْلِ وَنَحْوِهِ الَّذِي شَاهَدَهُ قَبْلُ (مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ) لِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ ذَرْعِهِ (صَحَّ) تَصَرُّفُهُ فِيهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِهِمَا قَدْرَهُ يَسِيرًا كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ.(وَإِنْ أَعْلَمَهُ) بَائِعٌ (بِكَيْلِهِ وَنَحْوِهِ) كَوَزْنِهِ وَعَدِّهِ وَذَرْعِهِ (فَقَبَضَهُ) الْمُشْتَرِي جِزَافًا (ثُمَّ بَاعَهُ بِهِ) أَيْ بِالْكَيْلِ وَنَحْوِهِ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ الْبَائِعُ (لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ قَدْرَهُ.(وَكَذَا إنْ قَبَضَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ (جِزَافًا) وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهُ لَمْ يَصِحَّ (أَوْ كَانَ مَكِيلًا فَقَبَضَهُ وَزْنًا) أَوْ مَوْزُونًا فَقَبَضَهُ كَيْلًا.(وَإِنْ قَبَضَهُ) الْمُشْتَرِي جِزَافًا (مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ بِكَيْلِهِ وَنَحْوِهِ) كَوَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ ذَرْعِهِ (بَرِيءَ) الْبَائِعُ (مِنْ عُهْدَتِهِ) بِحَيْثُ لَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَتَصَرَّفُ) فِيهِ الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَبْلَ اعْتِبَارِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ) كَمَا تَقَدَّمَ.فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي نَقْصًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِتَصْدِيقِهِ الْبَائِعَ (وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ يُصَدِّقُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَيْلِهِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ قَبَضَهُ مَعَ سُكُوتِهِ (قَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (فِي قَدْرِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (إنْ كَانَ الْمَبِيعُ) مَفْقُودًا (أَوْ) كَانَ (بَعْضُهُ مَفْقُودًا أَوْ اخْتَلَفَا فِي بَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ) وَأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ.(وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى بَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ ثَبَتَ) ذَلِكَ (بِبَيِّنَةٍ اُعْتُبِرَ بِالْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ لِيَزُولَ اللَّبْسُ (فَإِنْ وَافَقَ) كَيْلُهُ وَنَحْوُهُ (الْحَقَّ أَوْ زَادَ) يَسِيرًا (أَوْ نَقَصَ يَسِيرًا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ) فِي صُورَةِ مَا إذَا نَقَصَ يَسِيرًا (وَالْمَبِيعُ بِزِيَادَتِهِ لِلْمُشْتَرِي) فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ.(وَإِنْ زَادَ) كَثِيرًا (أَوْ نَقَصَ كَثِيرًا نَقْصًا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ) عَادَةً (فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ مَثَلًا تَمَّمَهُ الْبَائِعُ مِنْهَا وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مُعَيَّنٍ رَدَّ الْبَائِعُ قِسْطَ مَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْمَبِيعُ بِصِفَةٍ) مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْمَبِيعُ غَالِبًا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مُشْتَرٍ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَأَشْبَهَ الْمَبِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ.(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا بِيعَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِعِتْقٍ أَوْ جَعْلِهِ مَهْرًا وَنَحْوِهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ التَّصَرُّفُ السَّابِقُ فَآلَ لِلْعَهْدِ (وَلَوْ غَيْرُ مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ مَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ لِمَا تَقَدَّمَ.(وَإِنْ تَلِفَ الْمَكِيلُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ وَالْمَذْرُوعُ الْمَبِيعُ بِالْكَيْلِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) تَلِفَ (بَعْضُهُ بِآفَةٍ) أَيْ عَاهَةٍ (سَمَاوِيَّةٍ) لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ (فَ) هُوَ (مِنْ مَالِ بَائِعٍ) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» وَالْمُرَادُ بِهِ رِبْحُ مَا بِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ لَكِنْ إنْ عَرَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ ثُمَّ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِكَلَامِ الْكَافِي فِي الْإِجَارَةِ (وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ مِمَّا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّالِفُ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ.(وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ) إذَا تَلِفَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ (فِي الْبَاقِي بَيْنَ أَخْذِهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ رَدِّهِ) وَأَخْذِ الثَّمَنِ كُلِّهِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَكَذَا لَوْ تَعَيَّبَ الْبَائِعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ هُنَاكَ لَهُ الْأَرْشُ، وَقَطَعَ فِي الشَّرْحِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا هُنَا لَا أَرْشَ لَهُ (فَلَوْ بَاعَ مَا) أَيْ مَبِيعًا (اشْتَرَاهُ بِمَا) أَيْ ثَمَنٍ (يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ) كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ.(كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً أَوْ شِقْصًا بِطَعَامٍ) أَيْ بِقَفِيزٍ مَثَلًا مِنْ طَعَامٍ (فَقَبَضَ) الْمُشْتَرِي (الشَّاةَ وَبَاعَهَا) ثُمَّ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَوْلُهُ: فَقَبَضَ الشَّاةَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ بَاعَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ صَحَّ كَمَا يَأْتِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (أَوْ أَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ) لِمَا تَقَدَّمَ (دُونَ) الْعَقْدِ (الثَّانِي) لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (وَلَمْ يَبْطُلْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) لِمَا ذُكِرَ.(وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى مُشْتَرِي الشَّاةِ) مِنْهُ بِقِيمَتِهَا (أَوْ) يَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِي (الشِّقْصِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ) لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ (وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الشِّقْصَ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فِيهِمَا) أَيْ فِي الشَّاةِ أَوْ الشِّقْصِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى مُشْتَرِي الشَّاةِ أَوْ الشِّقْصِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ.(وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ آدَمِيٌّ (غَيْرُ مُشْتَرٍ بَائِعًا كَانَ) الْمُتْلِفُ (أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْبَائِعِ (خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ) الَّذِي دَفَعَهُ إنْ كَانَ.(وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ مُتْلِفِهِ بِبَدَلِهِ) أَيْ بِمِثْلِهَا إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا فَسَخَ الْمُشْتَرِي عَادَ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ فَكَانَ لَهُ الطَّلَبُ عَلَى الْمُتْلِفِ (وَبَيْنَ إمْضَاءِ) الْبَيْعِ.(وَيَنْقُدُ هُوَ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (الثَّمَنَ) إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ (وَيُطَالِبُ) الْمُشْتَرِي (مُتْلِفَهُ) بَائِعًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا (بِمِثْلِهِ) أَيْ الْمُتْلَفِ (إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ) لِأَنَّ الْإِتْلَافَ كَالْعَيْبِ وَقَدْ حَصَلَ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ ضَمَانُهُ فَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَفَارَقَ مَا إذَا كَانَ تَلَفُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ فَإِنَّ إتْلَافَهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالْبَدَلِ وَحُكْمَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالثَّمَنِ فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ لِلْمُشْتَرِي فِي التَّضْمِينِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ.(وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ) لِلْمَبِيعِ (وَلَوْ) كَانَ الْإِتْلَافُ (غَيْرَ عَمْدٍ) كَقَبْضِهِ (وَ) إتْلَافُ (مُتَّهَبٍ بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ وَاهِبٍ (لَا غَصَبَهُ) الْمَوْهُوبُ فَلَيْسَ قَبْضًا فَلَا تَلْزَمُ الْهِبَةُ بِهِ لِعَدَمِ إذْنِ الْوَاهِبِ لَكِنَّ تَصَرُّفَ الْمَوْهُوبِ فِيهِ يَصِحُّ حَتَّى قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ وَكَذَا غَصْبُ مُشْتَرٍ مَا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوْفِيَتِهِ لَيْسَ قَبْضًا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى مَا فِي الْمُنْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ (كَقَبْضِهِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ (الثَّمَنُ) فَيَنْقُدُهُ لِلْبَائِعِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ.(وَكَذَا) أَيْ كَالْمَبِيعِ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ التَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ (حُكْمُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ قَبْلَ جُذَاذِهِ) فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ بَائِعٍ حَتَّى يَجُذَّهُ مُشْتَرٍ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ.وَ(يَأْتِي قَرِيبًا لَوْ غَصَبَ) الْبَائِعُ (الثَّمَنَ وَإِنْ اخْتَلَطَ) الْمَبِيعُ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ (بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ لَمْ يَنْفَسِخْ) الْبَيْعُ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ (وَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَمَالِكُ مَا اخْتَلَطَ بِهِ الْمَبِيعُ (شَرِيكَانِ فِي الْمُخْتَلِطِ) بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ.(وَإِنْ نَمَا) الْمَبِيعُ وَلَوْ بِكَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ (فِي يَدِ بَائِعٍ قَبْلَ قَبْضِهِ فَ) النَّمَاءُ (لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ مِنْ مِلْكِهِ (وَهُوَ أَيْ النَّمَاءُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ بَائِعٍ لَا يَضْمَنُهُ) الْبَائِعُ (إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَضْمُونًا لِأَنَّ النَّمَاءَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ.(وَلَوْ بَاعَ شَاةً بِ) كَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ (شَعِيرٍ فَأَكَلَتْهُ) الشَّاةُ (قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الشَّاةُ بِيَدِ أَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَ) مَا لَوْ تَلِفَ بِ (الْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ) لِأَنَّ التَّلَفَ هُنَا لَا يُنْسَبُ إلَى آدَمِيٍّ.(وَإِنْ كَانَتْ) الشَّاةُ (بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ فَ) الشَّعِيرُ (مِنْ ضَمَانِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ كَإِتْلَافِهِ فَعَلَى مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ: إنْ كَانَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ فَكَقَبْضِهِ وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَيَرْجِعُ فِيهَا، وَبَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَمُطَالَبَةِ مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ بِمِثْلِهِ (وَمَاءٌ) أَيْ مَبِيعٌ (عَدَا مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ كَعَبْدٍ) مُعَيَّنٍ (وَصُبْرَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (وَنِصْفُهُمَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ) لِأَنَّ التَّعْيِينَ كَالْقَبْضِ (فَإِنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَنَحْوِهِ (فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ تَمَكَّنَ) الْمُشْتَرِي (مِنْ قَبْضِهِ أَمْ لَا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.(إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ (بَائِعٌ) فَإِنْ مَنَعَهُ بَائِعٌ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ وَتَقَدَّمَ (وَلِمَنْ اشْتَرَى) الْمَبِيعَ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَنَحْوِهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (الْمُطَالَبَةُ بِتَقْبِيضِهِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ بِيَدِهِ (أَوْ) الْبَائِعِ (الثَّانِي) لِأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لِمُشْتَرِيهِ.(وَيَصِحُّ قَبْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ (قَبْلَ نَقْدٍ) أَيْ بَذْلِ (الثَّمَنِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.(وَلَوْ) كَانَ الْمَبِيعُ (غَيْرَ مُعَيَّنٍ) بِأَنْ كَانَ مُشَاعًا كَنِصْفِ عَبْدٍ وَدَارٍ (وَالثَّمَنُ الَّذِي لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ كَمُثَمَّنٍ) فِي كُلِّ مَا سَبَقَ مِنْ أَحْكَامِ التَّلَفِ وَجَوَازِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُشْتَرِي.(وَمَا فِي الذِّمَّةِ) مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ إذَا تَلِفَ (لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ لِاسْتِقْرَارِهِ) فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ وَلَوْ مَكِيلًا وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ لَا عَيْنَ التَّالِفِ (وَحُكْمُ كُلِّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ) مَوْصُوفٍ بِأَنَّهُ (يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ) أَيْ الْعِوَضِ (قَبْلَ قَبْضِهِ كَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعِوَضٍ) مُعَيَّنٍ (فِي صُلْحٍ بِمَعْنَى بَيْعٍ) بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ.(وَنَحْوِهِمَا) كَعِوَضِ هِبَةٍ مُعَيَّنٍ (حُكْمُ عِوَضٍ فِي بَيْعٍ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَحُكْمُ كُلِّ عِوَضٍ (فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ) إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ وَنَحْوِهِ (وَمَنْعِهِ) أَيْ التَّصَرُّفُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِتْقٍ وَجَعْلُهُ مَهْرًا وَنَحْوَهُ.(وَكَذَا) حُكْمُ (مَا) أَيْ عِوَضٌ (لَا يَنْفَسِخُ) الْعَقْدُ (بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَعِوَضِ طَلَاقٍ، وَ) عِوَضِ (خُلْعٍ وَ) عِوَضِ (عِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَمَهْرٍ وَمُصَالَحِ بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ) فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ نَحْوِ عِتْقٍ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ احْتَاجَ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ وَإِلَّا جَازَ (لَكِنْ يَجِبُ) عَلَى مَنْ تَلِفَ ذَلِكَ بِيَدِهِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ (بِ) سَبَبِ (تَلَفِهِ مِثْلُهُ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مُسْتَحِقُّهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَبِيعِ (وَلَا فَسْخَ) بِتَلَفِ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ.(وَإِنْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكُ إنْسَانٍ (فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ) لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ (قَبْضُهُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَهُ) أَيْ الْقَبْضِ (لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ) فَمِلْكُهُ عَلَيْهِ تَامٌّ لَا يُتَوَهَّمُ غَرَرُ الْفَسْخِ فِيهِ (كَمَبِيعٍ وَكَوَدِيعَةٍ وَمَالِ شَرِكَةٍ وَعَارِيَّةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ.(وَمَا قَبَضَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ عَقْدِهِ كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ) وَرِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ (لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ) مَنْ صَارَ إلَيْهِ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ (فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الْمِلْكُ فِيهِ أَشْبَهَ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهِمَا عَقْدًا فَاسِدًا) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَا يَمْلِكُ) الْمَبِيعَ وَنَحْوَهُ (بِهِ) أَيْ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ.(وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَقْدًا فَاسِدًا لِعَدَمِ مِلْكِهِ غَيْرَ الْعِتْقِ وَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ.(وَيَضْمَنُهُ) الْقَابِضُ (وَ) يَضْمَنُ (زِيَادَتَهُ بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ (كَمَغْصُوبٍ) وَيَضْمَنُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَنَقْصَهُ وَنَحْوَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَ(لَا) يَضْمَنُهُ (بِالثَّمَنِ) لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ.
|